نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ *} (?) . وهذا يُعدّ نصاً في تقسيم المهمات، وتخصيص الأعمال، ففي الآية - كما ذكر المفسرون - توجيهٌ للمؤمنين بعدم الخروج للجهاد جميعاً، بل تخرج طائفة منهم وتبقى الأخرى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لتتفقه في الدين حتى إذا رجع إخوانهم من الجهاد أخبروهم بما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور دينهم (?) . أما قول الله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (?) ، فهو يدل بوضوح على أن القدرة الإنسانية تقصر عن أداء عدد من المهمات في آن واحد، إذ ليس لأحد من الناس قلبان يعقل بهما كما روي في سبب نزول الآية أن رجلاً من قريش ادعى ذلك فنزلت الآية مُكذِّبة لزعمه (?) .

3- التفويض:

إن توكيل بعض المهمات إلى المرؤوسين ومنحهم الصلاحيات اللازمة لتنفيذها، يعدّ خطوة مهمة نحو إدارة الوقت وتحقيق الأهداف. ومن المثل القرآني في ذلك قصة موسى عليه السلام حين كلفه الله بالرسالة وأمره بالذهاب إلى فرعون، فإنه عليه السلام حين شعر بعظم المهمة طلب من ربه أن يشدَّ عَضُده بأخيه هارون وأن يُشرِكه معه في الأمر، قال الله تعالى حكاية عنه: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي *هَارُونَ أَخِي *اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي *وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي *كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا *} (?) . فهذا موسى عليه السلام يطلب من ربه عزَّ وجلَّ أن يعِينه بأخيه هارون كي يساعده في تبليغ الرسالة العظيمة التي أُرسل بها ويشاطره في تبعاتها، وأن يكون له بمنزلة الوزير يستشيره ويستعين به في أموره (?) . كما نتلمس من خلال سياق هذه الآيات الإشارة إلى إعطاء المسؤول الحرية في اختيار مساعديه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015