فشرٌّ غائبٌ يُنتظَر، أو الساعة؟ فالساعةُ أدهى وأمرُّ» (?) .
فهو صلى الله عليه وسلم يحثُّ أُمَّته على المبادرة لأداء الأعمال وعدم تأجيلها، ذلك أن حال الإنسان لا يخلو غالبًا من وقوع المعوِّقات؛ من مرض، أو هرم، أو موت، أو نحو ذلك مما يقف حائلاً دون أداء الأعمال أو إتمامها، فالمعوِّقات كثيرة، والحاذق من بادر بأداء العمل قبل أن تحاصره العوائق.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ومن أدلج بَلَغ المَنْزِل» (?) . فإن الطيبي (?) يقول في شرح معناه: "هذا مَثَلٌ ضربه النبيُّ صلى الله عليه وسلم لسالك الآخرة؛ فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه، فإنْ تيقَّظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمِن من الشيطان وكيده" (?) .
وهذا المثل عامٌّ، ينطبق كذلك في حق من حدد لنفسه أهدافاً، ثم خاف أن تدركه المعوِّقات قبل بلوغها، فتجده يحثُّ الخُطا حتى يحقق أهدافه.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالتبكير في أداء الأعمال، فعن صخرٍ الغامديِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم بارك لأمتي في بُكُورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار» ، وكان صخرٌ رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أوّل النهار، فأثرى وكَثُر مالُه (?) .
وفي هذا المعنى أيضاً تروي أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «باكروا طلب الرزق والحوائج؛ فإن الغُدُوَّ بركة ونجاح» (?) .
وعن فاطمةَ رضي الله عنها وأرضاها، قالت: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجعة مُتصبِّحة فحرَّكني برجله، ثمّ قال: «يا بنية، قومي اشهدي رزقَ ربِّك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس» (?) .