لصافحتكم الملائكة على فُرُشكم وفي طُرُقكم، ولكن يا حنظلةُ ساعةً وساعة» كررها ثلاث مرات (?) . هكذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه ويبيِّن لهم أن القلوب تَكِلُّ وتتعب وتتقلَّب، فمن الحكمة مراعاتها والترويح عنها بين الفينة والأخرى بما أحل الله، وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك ووعَوْه وطبقوه في حياتهم العملية؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (أريحوا القلوب، فإن القلب إذا أُكرِه عَمِي) (?) ، ورُوي عنه أيضًا أنه قال: (إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها) (?) ، وجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قوله: (إنّي لأستجمّ نفسي بالشيء من الباطل غير المُحرَّم، فيكون أقوى لها على الحق) (?) .
سادساً: الحث على اغتنام الوقت والتحذير من إضاعته
جاء في الحديث الحث على استثمار الوقت واقتناص فرصه، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هَرَمك، وصِحَّتَك قبل سَقَمك، وغَنَاءك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغْلك، وحياتك قبل موتك» (?) . لقد لخّص النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذه الكلمات الموجزة البليغة ما تناوله الباحثون في كتب عديدة، وهذا من جوامع الكلِم، إذ تحدّث عن أهمية الوقت والمبادرة إلى استثماره واغتنام قوة الشباب، وفرص الفراغ في العمل الصالح المثمر، وحذر من خمس معوّقات تحول دون استثمار الأوقات، كل ذلك في عبارات وجيزة لا تبلغ كلماتها العشرين.
كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالمبادرة إلى العمل الصالح قبل أن تحول العوائق دون ذلك، فيقول: «بادروا بالأعمال سبعاً، هل تُنْظَرون إلا إلى فقر مُنسٍ، أو غنىً مُطْغٍ، أو مرضٍ مُفْسِد، أو هرم مُفْنِد، أو موت مُجْهِز، أو الدَّجال