فمن صحَّ بدنه وتفرَّغ من الأشغال العائقة، ثم لم يسعَ لاستثمار هذه الصحة وهذا الفراغ لإصلاح آخرته ودنياه، فيستثمرهما الاستثمار الأمثل في تحقيق أهدافه التي تعينه على العيش الرغيد في الدنيا، وترقى به إلى مدارج الصالحين في الآخرة، من لم يكن كذلك فهو كالمغبون فيهما.

ثانياً: الوقت مسؤولية كبرى

وقت المسلم أمانة عنده، وهو مسؤول عنه يوم القيامة، هذا ما تؤكده السُّنَّة المُطهَّرة، وإن ثمة أربعة أسئلة سيُسألها العبد عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة، منها سؤالان مختصان بالوقت، ففي الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عُمُره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه» (?) . أي أن العبد في ذلك الموقف العصيب، يوم القيامة، لن تزول قدماه، ولن يبرح ذلك المكان، حتى يُسأل ويحاسب عن مدة عمره بعامّة كيف قضاها، وعن فترة شبابه بخاصة كيف أمضاها، ذلك أن الشباب هو محور القوة والحيوية والنشاط، وعليه الاعتماد في العمل أكثر من غيره من مراحل العمر الأخرى، ولأهميته تلك فقد خُص بالسؤال عنه مستقلاً مع أنه داخل ضمن السؤال عن العمر.

ثالثاً: الوقت وعاء العبادة

الصلاة والزكاة والصيام والحج، جميعها عبادات محددة بأوقات معينة، لا يصح تأخيرها عنها، وهي لا تُقبل إلا إذا أُدِّيت في أوقاتها المعتبرة شرعًا؛ فهي مرتبطة إذًا ارتباطاً وثيقاً بالوقت، الذي هو عبارة عن الظرف أو الوعاء الذي تؤدى فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015