المبحث الثالث
أهمية الوقت في السُّنَّة المُطهَّرة
حظي الوقت بنصيب وافر من العناية فيما نُقِلَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال، والتي يمكن تناولها من خلال دراسة النصوص الدالة على عناية النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالوقت، وذلك ضمن المحاور الآتية:
أولاً: الوقت نعمة عظيمة.
تؤكد السُّنَّة المُطهَّرة ما جاء في القرآن الكريم من أن الوقت هو من أعظم نعم الله على عباده، وأنهم مأمورون بحفظ الوقت ومسؤولون عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ» (?) ، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «كثيرٌ من الناس» : "أي أن الذي يُوفَّق لذلك قليل، فقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون" (?) ، و"النعمة ما يتنعم به الإنسان ويستلذه، والغبن: أن يشتري بأضعاف الثمن أو يبيع بدون ثمن المثل" (?) .
وفي هذا الحديث "ضرب النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمُكلَّف مثلاً بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقُه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله، ويلزم الصدق والحذق لئلا يُغبن، فالصحة والفراغ رأس مال، وينبغي له أن يعامل اللهَ بالإيمان، ومجاهدة النفس وعدوِّ الدِّين، ليربح خيري الدنيا والآخرة" (?) .