يستطع، أو لم يفعل؟ قال: فيعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيأمر بالخير أو قال بالمعروف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فيمسك عن الشر، فإنه له صدقة» (?) .
هذه الصدقة هي ضريبة اجتماعية مفروضة على المسلم في كل يوم، بل قد صحّ الحديث في كونها واجبة على كل مفصلٍ من مفاصله مع إشراقة كل شمس، وبهذا يصبح المسلم ينبوعاً يفيض بالخير والنفع والسلام لمن حوله وما حوله، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كلَّ يوم تطلُع فيه الشمس: يعدِلُ بين الاثنين صدقة، ويعينُ الرجل على دابته فيَحْمِلُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكلُّ خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميطُ الأذى عن الطريق صدقة» (?) .
والمراد بالسلامى في الحديث: العظام والمفاصل والأعضاء، كما دلت على ذلك أحاديث أخرى، فهي نعمةٌ على الإنسان من الله الذي خلقه فسواه فعدله، وصوَّره في أحسن صورة، فعليه أن يشكر ربَّه عليها، بأن يستخدمها في طاعته ونفع عباده، وإسداء الخير لهم بأي وجه من الوجوه المستطاعة.
ثم عند الزوال يؤذَّن للظهر، فيهرع المسلم إلى صلاته مجتهداً أن يؤديها في أول وقتها وفي جماعة ما استطاع، فأول الوقت رضوان الله، والله تعالى قد أمر باستباق الخيرات، والرسول صلى الله عليه وسلم قد همَّ أن يأمر بالصلاة فتقام ثم يذهب ليحرّق على قوم بيوتهم لتخلفهم عن الجماعات، وقد جعل صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة، لا سيما إذا كانت في المسجد. ويتناول المسلم غداءه في وسط النهار، آكلاً من طيبات ما رزقه