والمرء كما يأخذ من الحياة يجب عليه أن يعطيها، وكما يستهلك منها ينبغي أن يُنتج لها، ولا يعيش متعطلاً بطّالاً، يأكل ولا يعمل، ولو كان ذلك بدعوى التفرغ لعبادة الله تعالى، إذ لارهبانية في الإسلام!
قال ابن الزبير رضي الله عنه: (أشرُّ شيءٍ في العالم البطالة) (?) . ومعنى ذلك "أن الإنسان إذا تعطل عن عمل يشغل باطنه بمباح، يستعين به على دينه، كان ظاهره فارغاً، ولم يبق قلبه فارغاً، بل يعشش فيه الشيطان ويبيض ويفرّخ، فيتوالد فيه نسله توالداً أسرع من توالد كل حيوان، ومن لم ينفع الناس بحِرْفة يعملها، يأخذ منافعهم، ويضيق عليهم معايشهم، فلا فائدة في حياته لهم، إلا أن يكدر الماء، ويغلي الأسعار، ولهذا كان عمر رضي الله عنه إذا نظر إلى ذي سيما - أي هيئة حسنة - سأل: أله حِرْفة؟ فإذا قيل: لا، سقط من عينه! " (?) .
والمسلم يعدّ عملَه الدنيوي عبادة وجهاداً، إذا صحت فيه النية، ولم يشغله عن ذكر الله، وأدى عمله بإتقانٍ وأمانة، فإن إتقان العمل فريضةٌ على المسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء» (?) . وفي الحديث الآخر «إن الله تبارك وتعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (?) .
ومن الواجبات اليومية التي لايجوز للمسلم أن يتناساها أو يهملها: واجبه نحو خدمة المجتمع، ومساعدة أفراده على قضاء حوائجهم، وتسهيل أمورهم، ليكون له بذلك صدقة.
فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: فيعمل بيديه، فينفع نفسه ويتصدق. قالوا: فإن لم