أن ذلك محتسب من رصيد عمره، وأن ما مضى قد قرَّبه من الآخرة. وصدق أبو العتاهية إذ يقول:
نظلُّ نفرح بالأيام نقطعُها ... وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل (?)
وهذا صالح بن جناح اللخمي (?) يوصي ابنه فيقول: (?) " يا بُني إذا مرَّ بك يوم وليلة وقد سَلِم فيهما دينك وجسمك ومالك فأكثر الشكر لله تعالى، فكم من مسلوب دينه، ومنزوع ملكه، ومهتوك ستره، ومقصوم ظهره في ذلك اليوم وأنت في عافية، وفي ذلك أقول:
لو أنني أُعطِيت سُؤلي لما سألت إلا العفو والعافية
فكم فتىً قد بات في نعمة فسُلَّ منها الليلة الثانية
واعلم:
إنما الدنيا نهار ... ضوءُه ضوءٌ مُعار
بينما غصنك غَضٌّ ... ناعم فيه اخضرار
إذ رماه الدهر يوماً ... فإذا فيه اصفرار
وكذاك الليلُ يأتي ... ثم يمحوه النهار
خامساً: تحري الأوقات الفاضلة
لا تفاضل بين الناس في نصيب كلِّ أحدٍ منهم من الوقت، لأنه موزع بينهم بالتساوي، إلا أنهم يتفاضلون في إدارته، وكيفية استثماره، والاستفادة المثلى منه.