بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يرْوى عَن بعض الْحُكَمَاء انه كتب الى اخ لَهُ
سَلام عَلَيْك اما بعد فاذكر مَا انت عَنهُ زائل وَعَلِيهِ قادم واليه صائر كذكر من نظر فَاعْتبر واخذ حذره فازدجر وتعوذ بِاللَّه من موت الْقلب عَن شدَّة الْعِنَايَة للسداد والرشاد وَحسن الاستعداد للمعاد
فَلَو فكر الْعباد وَعَلمُوا انهم لَا يسعهم ان يردوا على الله الا بِمَا لَهُ فِيهِ رضَا علمُوا اَوْ جهلوا والا يطلع الله على ضمائرهم فَيرى فِيهَا شَيْئا مِمَّا يكره وان يَكُونُوا نادمين على مَا كَانَ مِنْهُم مَا لم يكن فِيهِ رِضَاهُ مِمَّا علمُوا اَوْ جهلوا اذن لاجتهد من كَانَ يخَاف الله مِنْهُم بِالْغَيْبِ ان يكون مجهولهم مَعْلُوما ومعلومهم مَعْمُولا بِهِ وان يَكُونُوا نادمين على مَا فَاتَ مِنْهُم من ذَلِك
وَاعْلَم يَا أخي ان الله سُبْحَانَهُ جعل نجاة الْعباد برحمته فِي الْمعرفَة ثمَّ فِي الارادة ثمَّ فِي ترك مَا امرهم بِتَرْكِهِ ثمَّ فِي الْعَمَل بِمَا امرهم بِهِ ثمَّ فِي شكر نعمه الَّتِي انْعمْ بهَا عَلَيْهِم قَدِيما وحديثا ظَاهرا وَبَاطنا