وتوثبت الْجَوَارِح الى الطَّاعَات فَعِنْدَ ذَلِك تسْقط مُؤنَة الصَّبْر وَيصير فِي دَرَجَة الْخَوْف والمحبة لِلْعِبَادَةِ وَعند ذَلِك يجد حلاوة مَا هُوَ فِيهِ فَتلك الْعِبَادَة بِحسن الْمعرفَة
فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يعرض لَهُ من دواعي الدُّنْيَا ووساوس النَّفس مَا ان مَال اليه قطعه عَن تِلْكَ الْحَلَاوَة ورده الى دَرَجَة الصَّبْر
ولساعة وَاحِدَة من تِلْكَ السَّاعَات خير من ايام كَثِيرَة من ايام الصَّبْر لَان فِيهَا الْخَوْف وفيهَا الْحبّ وفيهَا الشُّكْر وفيهَا النَّدَم وَهُوَ التَّوْبَة وتعظيم مَا عظم الله وتصغير الدُّنْيَا والانس بِاللَّه
فَلَا يلْحق صَاحب هَذِه الدرجَة صَاحب الصَّوْم الْكثير وَالصَّلَاة الْكَثِيرَة وَالْحج والغزو وَهَكَذَا الْعَمَل اذا كَانَ بالمعرفة القوية
قلت فَأَيْنَ المريدون عَن هَذِه الدرجَة وَلم لَا يكون اهتمامهم وعنايتهم بهَا اكثر من عنايتهم بغَيْرهَا من الدَّرَجَات
فَقَالَ هَذِه الدرجَة فِي الدَّرَجَات كالجوهرة فِي الاشياء وكاللؤلؤة الفائقة فِي الف لؤلؤة وَالْجِنْس وَاحِد وانما قل اهل هَذِه الدرجَة وعزوا لَان من الاشياء مَا صعوبته فِي المسلك اليه فَإِذا صرت اليه صرت الى سهولة ورخاء وانس وَمن الاشياء مَا سهولته وشهوته فِي طَرِيقه وصعوبته وشدته فِي نفس ذَلِك الشَّيْء اذا صرت اليه