والارادة إرادتان إِحْدَاهمَا الدُّنْيَا والاخرى للآخرة
فالصدق والاخلاص إِنَّمَا هُوَ إِذا أَرَادَ العَبْد بِعَمَلِهِ وَجه الله وَلَيْسَ فِيهِ شئ من مَعَاني الدُّنْيَا
والرياء إِنَّمَا هُوَ أَن تكون الارادة كلهَا للدنيا
فَمِنْهُ مَا يكون العَبْد يُرِيد بِعَمَلِهِ فِي أصل الْعَمَل المحمدة وَالثنَاء
وَمِنْه مَا يكون العَبْد يُرِيد بِهِ فِي اصل عمله وَجه الله وَالدَّار الاخرة وَيُحب ان يحمد بِعَمَلِهِ ويثنى عَلَيْهِ
وَمِنْه مَا يكون العَبْد يُرِيد بِعَمَلِهِ وَجه الله وَحده وَالدَّار الْآخِرَة فَإِذا دخل فِي الْعَمَل على ذَلِك الْإِخْلَاص عرض لَهُ بعض مَا ذكرنَا من الْآفَات فقبلها وَأحب أَن يحمد على عمله وان يتَّخذ بِهِ منزلَة عِنْد أحد من المخلوقين
وَمِنْه مَا يكون العَبْد يُرِيد بِعَمَلِهِ وَجه الله وَالدَّار الاخرة وَيخْتم عمله بذلك وَيُطَالب بالآفات بعد الْفَرَاغ من الْعَمَل وَلَو بعد حِين حَتَّى يخبر بذلك الْعَمَل يُرِيد ان يحمد عَلَيْهِ ويتخذ بِهِ الجاه والمنزلة عِنْد المخلوقين فَهَذَا اسهل من جَمِيع مَا ذكرنَا
وَالنَّاس فِي هَذَا مُخْتَلفُونَ
ففرقة تَقول هَذَا من الذُّنُوب وَلَا يفْسد الْعَمَل لِأَن الْعَمَل قد مضى وَختم بِالصِّحَّةِ فَلَا يفْسد بعد الخاتمة وَمَا لحق العَبْد بعد ذَلِك فَقبله من هَذِه الْآفَات فَللَّه فِي ذَلِك على العَبْد مقَام ومطالبة وَالْعَمَل لَا يبطل