لقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - في حواره مع أمه , ورغم محاولاته الجادة في إسلامها , إلا أنها أبت , بل أرادت حبسه والتضييق عليه , فقال - رضي الله عنه -: " لئن أنتِ حبستِنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي " (?) , فلم يعمم - رضي الله عنه - على قومه كلهم , بل حدد في ذلك من يتعرض له , إذ إن من الإنصاف أن تكون العقوبة والجزاء على المخطئ , كما أن للمحسن الإحسان , ومن التعدي والظلم تعميم الخطأ, وإنزاله على أناس لم يكن لهم في ذلك مشاركة ولا تأييد , فلعل أمه اقتنعت بحسن أدب ابنها وإنصافه في حواره؛ لذلك قالت له: " فاذهب لشأنك " (?) , وفي ذلك يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - «إن أعظم الناس فرية لرجل هاجى رجلاً فهجا القبيلة بأسرها» (?) , فهذا من تمام العدل الذي أمر الله به وحث عليه , إذ كيف يخطئ فرد من الأفراد فيؤاخذ بخطئه مجتمع كامل.