والنحل جمع نحلة وهو ما تعلق بغير مقابل منه سمي المهر نحله لأن المرأة في الحقيقة تأخذه لا في مقابل لانها تستمتع كما يستمتع بها قال الزجاج (وسمي الله تعالى زنابير العسل نحلا لأن الله تعالى قد نحل للخلق العسل الذي يخرج من بطونها بلا مؤنة فهو عطية مبتدئة) .
يا طالِباً لِخِصالٍ سادَ جامِعُها ... وَسائِلاً مَن حَواها سُؤلٍ مُبتَهِلِ
لا تَأخُذ العِلمَ إِلا عَن أَخي ثِقَةٍ ... يُعطي الرَشادَ بِهِ في واضِحِ السُبُلِ
وَدَع سُؤالِ الَّذي دَقَت دِيانَتُهُ ... وَاحذَر حُضورَكَ في الدَرسِ وَالجَدلِ
فَالطَبعُ لِصٌ فَلا تَجلِس إِلى فُسقٍ ... فَقُل أَن يَسلَمِ الآتِيه مِن زُللِ
كَجالِسِ الكيرِ إِن تَحضَد مُجالَسَةً ... وَفاتُكَ الشَوكُ لَم تَسلَم مِن الشُعَلِ
هذه الأبيات مشتملة على مقاصد منها: أنه يجب على الشخص أن لا يشتغل بالعلم ولا يأخذه غلا عن من ظهرت ديانته وانتشر علمه فإن العلم دين فلينظر إلى من يأخذ عنه دينه ولا يجوز الاعتماد في الفتوى على فاسق ومجهول الحال ولا يجوز أن يكون الفاسق مدرسا ولا قاضيا وسمعت الشيخ رحمه الله يحكي في جواز مباحثه وجهان ومنها أن الانسان لا ينبغي له الجلوس إلى فاسق فإنه إن سلم في مشاركته في المعيشة لم يسلم من التخلق ببعض أخلاقه فإن الطبع يسرق عند الاجتماع من حيث لا يشعر الانسان ولهذا تقول العرب في أمثالها: الرفيق قبل الطريق والجار قبل الدار والطباع سراقه.
ثم وقع التشبيه بنافخ الكير وهو الحداد إن حضره إنسان وسلم من الشوك الذي عنده لم يسلم من الشعل التي يخرجها من النار لأنها عند الضرب عليها ينفصل منها قطع من النار تنال الجالس حول الكير وإلى هذا جاءت الاشارة في قوله صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك أما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه رائحة كريهة) وقوله يحذيك بالحاء المهملة وبالجيم أيضا ومعناه يعطيك ورواية الجيم موافقة لقوله تعالى: (أو جذوة من النار) الآية