وَلا تُهَندِس بِفَيكَ الخُبز إِنّ بِهِ ... مِنَ البُصاقِ لما يَفضي إلى الجِفلِ
ينبغي للآكل حال أكله ألا يديم النظر إلى جليسه لأن ذلك يخجله فيترك الطعام قبل أن يشبع وينبغي ألا يقضم الخبز بفمه ثم يضعه في الطعام فإنه يورث قيام الجليس ويعاف الاكل من حيث أنه قد يكون فمه أبخر لأن البُصاق منفصل عن اللقمة من الفم إلى الطعام وقد سمي في كتاب عجايب الأكل هذا النوع بالمهندس من حيث أنه يصلح اللقمة ويهندسها ثم يضعها في الطعام وهو مذموم.
وَاضُمُم شِفاهَكَ عِندَ المُضغِ نَحوِ حَلا ... وَلا تَفرِقِع تَكُن كالأسود الجَعلِ
وَلا تُطَرطِش لا أكلَ الطَعامِ تَرى ... عِندَ الأَنامِ حِمارَ المَجلِسِ الحَفلِ
ينبغي للآكل أن يضم شفتيه عند الاكل لمعنيين: الأول أنه يأمن مما يتطاير من البصاق في حال المضغ وقد يقع ذلك في الطعام فيورث قنافة الثاني أنه إذا ضم شفتيه لم يبق لفمه فرقعة والأسود الجعلى بضم الجيم والعين دويبه مثل الخنفساء أكبر منها قليلا وهي خسيسة تقتا الروث وشأنها جمعه وادخاره والعرب تشبه بها من ذموا بالخساسة وقال الشاعر: اشدد يديك بزيد أن ظفرت به.
الخَرَدَبان يَجُرُ الخُبزَ يَأخُذهُ ... يَدٌ شِمالٌ وَمِن يُمناهُ مِن عَجلِ
قَد عَلِقتَ لُقمَةً وَالشَدقُ يَمضَغُ ما ... قَد حَوى قَبلَها مِن نُهمَةِ الأَكلِ
وَعَينُه حُدِقَت خُبزاً عَلى طَبَقِِ ... بُعدا لَهُ مِن أُكولِ ساءَ في المَثلِ
الخردبان هو الذي يجر الخبز خوفا أن يسبقه إليه غيره فيجعله في شماله ويأكل بيمينه قال الشاعر:
إِذا ما كُنتَ في قَومٍ شهاداً ... فَلا تَجعَل شِمالَكَ خَردَباناً
والمعلق والمحدق والمشدق أوصاف ذميمة فالمعلق هو الذي يكون اللقمة في يده قبل أن يبتلع التي في شدقه ومع ذلك عينه إلى أخرى يأخذها.
وَإِن سَعَلتَ تَحولُ عَن وُجوهِمي ... نَحو القَفا وَعَلى ذي الحَولِ فَاتكِلِ