ويحلى بعينيك ويلتاط بنفسك، والعامّة تقول: " القاصّ لا يحبُّ القَاصّ ".
ولو كان قلبك لكل من اسمه عندك، لِصيته البعيد، وسُؤالك لمن لا شهرة له قبلك بحسن التأتي في التقريب، لكان حدّك حينئذٍ مقبولاً بما يظهر لك من الزيادة والنقص، وكانت الحجة تقوم بينك وبين من قد ضري على مالك، أو وضع في نفسه أن ينال مراده منك بالخدع، على أن التغافل في هذا الباب أدلُّ على الكرم، كما أن الاستقصاء فيه أجلَبُ فيه للنكد.
فهذا هذا.
وشيء آخر، وهو أصعب مما تقدّم، وذلك أن حجاجك قد بدّد شمل الزُّوار عنك، وقسم ظنونهم بك، وطرح في قلوبهم اليأس منك؛ ولست بأهل لذلك منهم كما أنهم ليسوا بأهل لشدّة الحجاب منك، وقلّة رافعي أخبارهم إليك.
وشيء آخر، وهو أصعب مما تقدم، والسّهو فيه لاحق بالظلم؛ لِمَ يجب - أدام الله دولتك - أن لا يصل برُّك إلا إلى الفاضل، وإلا إلى الكامل، وإلا إلى الذي هو في الشعر مُفلق، وفي الكتابة بارع، وفي الفلسفة غاية، وفي الكلام نهاية، وفي الفقه آية، وفي النّحو مذكور، وفي الطبّ مشهور؟