وسمعت هذا الحربيّ يقول، وكان يُكنّى أبا الخصيب، لِسيّدحيّه، وهما بالعقيق على ضفّة الوادي وقد مدّ، وهما ينطقان بما أُحصِّل ولا أُحصِّل، حتى قال أبو الخطيب لصاحبه: يا هذا! اسْلُ عن طارِفك وتالدك، تَسُدْ بين صاحبك ووافِدك، أما سمعت في هذه القوافي الأُوَل:
لو كنتَ تُعطِي حينَ تُسأَل سامَحت ... لكَ النَّفسُ واحْلَوْلاَكَ كلُّ خليلِ؟
فردَّدتُ القافية، وقلت: " واسْتحلاك كلُّ خليلِ ": فقال لي مُنكراً: ما هكذا لغتي! فقال ذو الكفايتين: كيف كان إدراكهم لما يقع بالإعراب؟ قلت: سألت أبا الخطيب هذا: أقول إنّ قُرْبي جعفراً؟ قال: نعم، فما تبغي؟ قلت: أَفأقول: إنّ بُعدي جعفراً؟ قال: لا، فما تبغي؟