وخير الإخلاص ما نشأ عن إيقان، وخير الإيقان ما صدر عن توفيق.
لما رأيت شبابي هرماً بالفقر، وفقري غِنىً بالقناعة، وقناعتي عجزاً عند التحصيل، عدلت إلى الزمان أطلب إليه مكاني فيه، وموضعي منه، فرأيت طرفه عني نابياً، وعنانه عن رضاي مثنياً، وجانبه في مُرادي خشناً، وإنفاقي في أسبابه سيئاً، والشامت بي على الحَدَثان متمادياً؛ طمعت في السكوت تجلداً، وانتحلت القناعة رياضة، وتألّفت شارد حرصي متوقفاً، وطويت منشور أمري متنزّهاً، وجمعت شتيت رجائي سالياً، وادّرعت الصبر مستمراً، ولبست العفاف محموداً، واتخذت الانقباض صناعة، وقمت بالعلاء مجتهداً.
هذا بعد أن تصفّحت الناسفوجدتهم أحد رجلين: رجلاً إن نطق عن غيظ ودِمنة، وإن سكت سكت على ضِغْنٍ وإحنة. ورجلاً إن بذل كدَّر بامتنانه بذله، وإن منع حصَّن باحتياله بُخله؛