اكتب لهم إلى البلدان. وانظر من كان منهم محتملاً فارم به إلى الأطراف وأجنحة الثغور، ومن قلّ ماله ورثّ حاله، وقعد به العدم عن الحركة الشاسعة فلا تُجاوز به الموصل والبصرة، وفرّق فيهم ألف درهم، وعجّل سراحهم الأول فالأول.
ثم قال لي الخليلي: حصّل الآم زمانك من زمان المأمون حين قال هذا القول، وميَّز هذا التمييز، وداواني بهذا الدّواء. والله إن هذا لعجب! حصلنا في حديث ابن العميد على أن يقال: جَمشَكٌ عَميديّ، وفي حديث ابن عباد على أن يقال: هذا ركاب صاحبيّ؛ إني لأجد في صدري غليلاً لا يبرد شيء، من ذهاب الكرم وفَقْدِ الكِرام وقلّة المبالي بذلك.
قلت للخليلي أيضاً: ومع هذا لكه أين ابن عباد من ابن العميد؟ فقد خبرت ذلك بملازمتك، وعرفت هذا بتعرّضك.
فقال: أما ذاك فكان لا يُعطيك، ولكنّه كان لا يُطعمك.