أين أولئك البرامكة؟ وأين نحن منهم اليوم؟ كان معروفهم يسع الصغير والكبير، ويهمُّ الغنيّ والفقير، مرذةً يغرف ومرة ينزف، ما لهم همّ إلا تثميره.
ومن أولئك زُبيدة بنت جعفر وابنها، إني والله لأحسبهما فرّقا من المال فيمن لجأ إليهما وطلب معروفهما أكثر كم ألف ألف ألف دينار؛ ولقد كان لمن ذكرت بطانة، وللبطانة بطانة، وكان لهم من المعروف والبذل في الجار والحميم والسائل وابن السبيل ما لو أُحصي لطال ذكره وعظُم قدره؛ فما بالعراق اليوم من يجود بدرهم ولا رغيف، أو ليس من انقلاب الزمان أن صار عبد الله بن بشير أحد أجواده، وأحد أبواب المعروف؟ فما ظنكم بنا وقد حشرنا في زمرة واحدة؟ ثم مَيِّزْ أهل كل زمان! فإذا نظر إلى أهل زماننا لم يَقُم في المباهاة إلا عند الله ومالك ابن شاهي! " إنا لله وإنا إليه راجعون ".