والختل والحيلة؛ فلو لم يكن هذا لأمضيتُ التزكية على ظاهرها، وعملت بها، وسكنت إليها. فأما إذا استنظهرتُ فسألت آخرَيْن مرضيَّين عن المزكّى فجرّحاه، فكأنما علِما من باطن أمره وخافي حاله وكُنْه غَيْبه، ومطويّ شأنه ما توارَى عن عرفان من ركَّاه، وخفي على بحث من عدّله. فكان هذا عندي بالقبول أولى والعمل به أحرى.

هذا ما قاله هذا الرجل العالِم، وهلك سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.

وابن عباد حفظك الله - ليس بصغير القدر، وابن العميد لم يكن خامل الذكر، وما فيهما إلا من هو غُرة زمانه، وتاريخ دهره، لنباهته وصِيته، وطول أيامه وامتداد دولته، ومواتاة مُراده، وطاعة الناس له، وتوجه الأطماع إليه؛ فكيف يُجزّف الحديث عنهما مجزّف، ويُلزَق الكذب بهما مُلزق، أو يدّعي الباطل عليهما مُدَّع؟ هذا ما لا يطمع فيه حصيف، ولا يعمل عليه عاقل؛ ولكن حديث الدِّين والكَرَم والعقل والمجد والسِّيرة والهدى والجُود والبَذْل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015