هذا ما لا يقوله أحد ممن له عقل ونهى، ولا يجترئ عليه من له حجر وحِجا، خاصة إن كان ممن يرُبُّ مروّته بالحق، ويصون كلمته عن الكذب، ويغار على عقله من تعنيف معنّف، ويأنف لنفسه من لومة لائم.
سمعت القاضي أبا حامد المَرْورُّوذِيّ يقول، وكان سيد الفقهاء في وقته وإمام أصحابه في عصره، وعجيب الفضل في جميع أموره؛ لو أن رجلين ظاهرين زكَّيا رجلاً عند الحاكم، ثم سأل الحاكم آخرين مرضِيّيْن عن ذلك المزكّى بعينه فجرَّحاه لكان الحاكم لا يقف ولا يتحيَّر ولا يعيا ولا يحصر، ولكنه يقدّم الجرح على التزكية ويعمل به دونها، ويصير إليه تاركاً لها؟ فإن قلت: ما الحكمة في هذا؟
قيل لك: إن اللذين زكّيا قالا بالظاهر، وربما يكثر مثله، ويغلب شبيهه، وربما يُتكلّف في نظيره بالرياء والسمعة، والنّفاق والخديعة،