وسنوسّع هذه الرسالة بعد هذا التطويل ببعض ما يكون حجةً أو عذراً، وإن اعترض حديث سقناه على غَرِّه، وعرضناه على حُلوه ومُرّه، ولولا أن الفائدة - أبقاك الله - في سماع هذه الأشياء ومعرفة هذه الأحوال أضعاف الفائدة في الإضراب عنها، لكان السكوت ممكناً، والإمساك مستطاعاً، والسَّلم واقعاً، والإعفاء سهلاً؛ ولكن الخيرة لا تقع، واليقظة لا تستحكم، والطّبع لا يرتاض حتى تتصفح الأمور، وتتعقّب الدُّهور، وتأخذ نصيبك من الاعتبار، وتبعث همتك على محمود الاختيار؛ والشاعر يقول:
ومن يَطُل عَيشُهُ لا تَلْقَه غَمراً ... وفي الحَوادِث والأيّام تجريبُ
وقال آخر:
أَخو خَمسين مُجتَمعٌ أَشُدِّي ... ونجَّذّنِي مُداورَةُ الشُّؤونِ