ولتدافُع الحديث ما أخرُج من ذكر هذا إلى شأن ذاك. ولقد اضطرب عليّ نسج الرسالة على مذهب المصنّفين، ولكن عذري بيّن، لأني نقلت ما نقلت في وقتٍ صعب وحالٍ عوراء.
سألت العتابيَ، شيخاً من أهل أصفهان كان صحب ابن عباد في أيام الحداثة، عن ترك ابن عباد الشراب.
فقال: والله ما ترك ما ترك لله، ولكن تركه أنه كان إذا سكر افتضح ودعا إلى الفجور به، ولما فشا هذا وقبُحَت القالةُ هَجَره، وأظهر ذلك لتقوى الله، أو لوجه الله تعالى.
ورأيت ابن عباد يوماً يقول لابن أبي هشام: لا تقُل حَرِجت نفسه، إنما الحَرَج للصّدر، قال الله تعالى: (فَلاَ يَكُنْ في صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) .
فقال له: فأين أنت من قوله تعالى: (ثُمَّ لاَ يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) . فعرق جبينه خجلاً؛ وكان ذاك سبب إعراضه عن هذا الشيخ، وانقلابه عنه بالحرمان.