فتغافل أبو الفضل كأنه لم يسمع، وكان حليماً حمولاً لئيماً ذَلُولا.

وقال: أحدّثك من حلمه بأعجب من هذا؛ كُنّا بأَذْرَبيجان لما افتتحناها لإبراهيم بن المرْزُبان وقرَّرناها في يده اتفق أن ظفرنا هناك بطبيب نصرانيّ بغداديّ حسن الحذق، بارع الصناعة، مشهود له بصواب الرأي وجودة التدبير، فأدناه أبو الفضل ورضيَ هدْيَه، وحمِد رأيه وقوله، وكان يخصّه بالبرّ والتحفة؛ فكان من أمره أن أبا الفضل شرب غَداتئذٍ قدحاً من شراب الرُّمان، فبقي في أسفل القدح قليلاً، ومدَّ يده إلى الطّبيب يناوله، تكرِمةً له، ويقول له: اشرب هذه البقية.

فقال له الطبيب: " نَهَى نبيُّكم عن سُؤر الكَلْب "، وأمسك عن القدح.

فاصفرَّ وجه أبي الفضل، ولم ينطق بكلمة، ولا أساء إليه، ولا اعتذر ذاك من فرطته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015