ولقد استفدتُ بمعرفتك تجنُّب مثلك؛ ويقال: لم يهلك من مالك مَن وعَظك، ومَن أطلَعك على خَبيئه من خيره وشرّه، فقد أراحك من طويل الفكر فيه، وكَفاك خَطر التجربة له والسّلام ".

قلتُ لأبي دُلَف: ما أجبته عن هذا الكلام؟ قال: عملتُ في المسوّدة شيئاً، ثم لم أجسر على إظهاره، وخِفت صَولته ونِكايته وشرّه وغائلته؛ ومما قد حدث في رؤساءِ زمانك أنهم يحقدون على الأتباع، ولا يعرفون حقّهم في الخدمة والطّاعة.

وكنّا يوماً عند ذي الكِفايتين بمدينة السلام، فجرى حديث بغداد، فقال ذو الكفايتين: لمّا رجع ابن عباد من بغداد، قال له الأستاذ الرئيس - نضَّر الله وجهه -: كيف رأيت بغداد؟ قال: رأيت بغداد في البلاد، كالأستاذ في العِباد.

وحَكَى أيضاً في هذا اليوم عن أبيه قال: لمّا انصرف أهل خُراسان سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة أمام الغُزاة من الريّ، بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015