بعده، ولا إلى نهارٍ مولج في ليل، ولا إلى ليلٍ مُولَج في نهار، ولا إلى زمان يخرج من أن يكون ربيعاً أو صيفاً أو شتاءً أو خريفاً.

ولو ظننت أن هذه كلها أو بعضها تلزمك أو تدخل في تكلفك لآثرت الموت على العافية؛ فإن في الموت خلاصاً منك، ومُفارقةً لمثلك، ووالله ما أندُب إلا حُسن ظنّي بك، ومُباهاتي أهل مجلسي بفضلك، وقولي: أبو دلف وما أدراك ما أبو دُلَف! لا تنظروا إلى هَزْله، فإن وراءَ ذلك جدّا، وإن أردتم حقيقة ما أقول فافزعوا إليه في حوائجكم؛ فإنكم تجدونه في قضائها قبل إنهائها؛ وهو المرءُ الذي قد جمع الله له بين المنظر والمخْبَر، وبين الدَّعوى والبيِّنة، وبين القول والحُجّة، وبين الضّمان والوفاء، وبين الصداقة والشفَقة. فما زلت أقول هذا أو شِبهه، وأصحابي يُشيِّعون قولي بمثله في الظاهر، ويُخالفونني بعِلمهم في الباطن حتى كان الفُلْجُ لهم ساعة هذه؛ لأني احتجت إلى علمك فخُنتَ عهدي، وأقبلتُ عليك فأعرضتَ عنّي، ووَهبتُ لك كلّي فبَخِلتَ ببعضك عليّ؛ " فيارُبَّ مظنونٍ به الخيرُ يُخْلِفُ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015