انعقد المجلس في جمادى الآخرة سنة أربع وستين وثلاثمائة، وغصّ بأهله، فرأيت العامريّ، وقد انتدب فسأل أبا سعيد السّيرافي فقال: ما طبيعة الباء من (بسم الله الرحمن الرحيم) ؟ فعجِب الناس من هذه المطالبة، ونزل بأبي سعيد ما كاد يشده به، فأنطقه الله بالسحر الحلال.
وذلك أنه قال: ما أحسن ما أدّبنا به بعض الموفّقين من المتقدّمين! فإنه قال:
وإذا خطَبْتَ عَلَى الرِّجال فلا تَكُن ... خَطِل الكلام تقُولُه مختالاً
واعلَم بأنّ السكوت لبابةً ... ومن التكلُّف ما يكون مُحالاً
والله يا شيخ لَعينك أكبر من قرارك، ولَمرآك أوْفى من دُخلتك، ولَمنشورك أبين من مطويّك؛ فما هذا الذي طوّعت له نفسك، وسدَّدَ عليه رأيك؛ إني أظن السّلامة بالسّكوت تعافُك، والغنيمة بالقول ترغب عنك. والله المستعان.
فقال ابن العميد، وقد أُعجب بما قال أبو سعيد: