وهذا موضع يُروى عنه بعض ما هو فائدة من الأدب والحكمة، وإن كان استيعاب ذلك شاقّاً؛ فإن الرجل كان كثير المحفوظ جيد الاقتضاب.
حدَّثني ابن فارس: جرى بين يديه أسماء الفرج وكثرتها، فقال بعض الحاضرين: ماذا أراد العرب بتكثيرها مع قُبحها؟ فقال: لما رأوا الشيء قبيحاً جعلوا يكنون عنه، وكانت الكناية عند فُشُوِّها تصير إلى حد الإسم الأول فينتقلون إلى كناية أخرى، فإذا اتّسعت أيضاً رأوا فيها من القبح مثل ما كنوا عنه من أجله، وعلى هذا، فكثرت الكنايات، وليس عندهم تكثيرها.
وحدثني الهروي قال: سألت يوماً ابنه أبا القاسم؛ أخاً كان لذي الكِفايتين مات قبله - عن قول الشاعر:
فما لَكُم طُلْسَ الثّياب كأَنكم ... ذئابُ الغَضَا والذئبُ بالليل أَطلَسُ
فقال ولده: هو ظاهر إلا أن يكون تحته معنىً.