كما وضعوا لسند الحديث ومتنه ضوابط حكيمة من خلالها نستطيع أن نحكم على الحديث بالقبول أو الرد.
وكان جُماع الحديث يشدون الرحال - أحياناً - ويقطعون آلاف الأميال طلباً لسماع حديث واحد من راويه.
ومن العجيب أن صاحب المشروع يعرف ذلك كله، وقد استفاد منه كثيراً في مشروعه، ومع هذا ينكر فضل علماء الحديث، ويرميهم بكل نقيصة، ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الزمور؟ ولولا جهود علماء الحديث وثروتهم العلمية لضمر الجزء الأول من مشروعه "الوارم" إلى عُشر ما هو علية.
وعلى عكس ما يرمى به صاحب المشروع علماء الحديث من الخلف - بعد عصر الخلفاء الراشدين -، فإننا نقول بكل ثقة.
"إن أحاديث رسوا الله - صلى الله عليه وسلم - نالت من العناية والاهتمام والتمحيص على أيدي هؤلاء العلماء الأفذاذ ما لم تحظى به في عصر سابق أو لاحق".
وبخاصة حين ظهر الوضع والإفتراء في الحديث بعد عصر الخلفاء، فقيض الله جل وعلا لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - جيشاً جراراً من العلماء الأتقياء الأبرار وجمعوا ما صح وما حسن من الأحاديث بسندها ومتنها بمختلف طرقها، ونصوا على أسباب الصحة والحسن فيها.
كما جمعوا الأحاديث الضعيفة وبينوا أسباب ضعفها، ثم جمعوا ما شاع من أحاديث مكذوبة ونصوا على أسباب وضعها.
وفي منهج الإمام البخاري ما يدحض إفتراءات صاحب المشروع على علماء الخلف - رضي الله عنهم -.