وخوف اللبس الذي تحدث عنه ابن الأنباري والسيوطي هو مدخلنا إلى إجازة النسب إلى فعيلة على لفظها فيما لم يرد فيه سماع صحيح. فإذا كان النسب إلى فَعِيلة على فَعَلي، وإلى فَعولة على فَعَلى، وإلى فَعِل "كمَلِك" على فَعَلي، وإلى فَعَل على فَعَلى. ألا يخشى من كل هذا الوقوع في اللبس؟ فإذا قلنا حَدَقِي لم تعرف أهي نسبة إلى حَدَقة العين أم إلى الحديقة. وإذا قلنا جَزَري لم تعرف أهي نسبة إلى الجزر أم إلى الجزيرة. فضلا عن أن النسبة بحذف الياء في فعيلة ستباعد بين لفظي المنسوب والمنسوب إليه مما قد يوقع في خطأ الضبط بالشكل في النصوص المكتوبة. فمن سيقرأ طَبَعيّ ووَثَقيّ ووَظَفيّ.. ونحوها قراءة سليمة؟ ومن سيدرك المعنى المراد بسهولة ولا يتوقف لمحاولة فهمه؟.
ومن الغريب أن المراجع القديمة لا تستشهد إلا ببضع كلمات نسب فيها العرب إلى فعيلة على فعلي وتعطيها الغلبة فتبنى عليها قاعدة وتخرج من النظر إلى نوعين من الكلمات:
1- النوع الذي وردت النسبة فيه بدون حذف الياء ومن ذلك: الحنيفية. وفي الحديث: "أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة"، ويقال كذلك: ملة حنيفية، ومنه كذلك سليقية وعميرية وسليمية.
2- النوع الذي لم تتحدث فيه المراجع عن كيفية النسبة إليه وهو الكثرة الكاثرة من الكلمات مثل: حقيبة، خميرة، حريسة، فريسة، لقيطة، حديقة، قسيمة، عشيرة، جريدة، ذبيحة، عصيدة، جبيرة، حصيرة، خريطة، شريعة، قطيعة، خليفة، خميلة، عقيلة، رهينة، سفينة، وديعة، وليمة، خريدة ... وعشرات أخرى من الكلمات.