وكان حق هذه المسألة أن تكون ضمن كلّ ما سبق من مباحث، فإن الحديث عن أحكام الجهافى، والمجاهدين، يدخل فيه المرابطة، والمرابطون، وقد نصّ على ذلك الفقهاء، كما سيأتي، ووإنّما قدمت ما يتعلّق بالقتال، وأخرت المرابطة؛ لكون الجهاد أشد خطرًا، وأعظم أثرًا، وأكثر أحكامًا، وله أحكام تخصه دونها، ولكون المرابطة من توابع الجهاد (?)، فقدمت المتبوع، وأخرت التابع، وإن كانت تدخل لزامًا في معظم ما سبق من مباحث.
المرابطون في الثغور هم جند المسلمين، وهم المجاهدون. وعلى هذا، فإنهم يأخذون من سهم (وفي سبيل الله) (?).
قال الدردير عند حديثه عن مصارف الزَّكاة: "ويعطى منها المجاهد، ويدخل فيه الجاسوس، والمرابط، ولو كان غنيًا ... وهذا معنى قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (?).
وقال أبو يعلى: "وأمّا سهم (سبيل الله) فهم الغزاة يدفع إليهم قدر نفقة ذهابهم وعودهم" (?).
يأخذ المرابطون كذلك من بيت المال، من مصرف الفيء؛ قال ابن قدامة: "وذكر القاضي أن أهل الفيء هم أهل الجهاد من الرابطين في الثغور، وجند المسلمين، ومن يقوم بمصالحهم" (?).