يرجع سبب الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة إلى ما يأتي:
أوَّلًا: أن الحنفية لا يرون صحة الجعالة أصلًا؛ ولهذا فلا وجود لها - كباب مستقل - في كتبهم، فهم يعدونها من الإجارة الباطلة، أو الفاسدة، على خلاف بينهم في ذلك، وقد تقدّم تفصيل ذلك (?). بينما يرى الجمهور مشروعية الجعالة في الأصل.
ثانيًا: أن الحنفية يمنعون مطلقًا أخذ المال على شيء من الطاعات، سواء أكانت حجًا، أم غيره، إِلَّا ما استثنوه للضرورة، بينما الجمهور لا يحكمون هذا الحكم العام، بل يفصلون في ذلك، ويرون صحة الإجارة، والجعالة على كثير من الطاعات الّتي تقبل النيابة وغيرها (?).
استدل أصحاب القول الثّاني القائلون بعدم صحة الجعالة على الحجِّ بما يأتي: -
الدّليل الأوّل: ما ذكروه من عدم مشروعية الجعالة في الأصل، سواء أكانت من الإجارة الفاسدة، أم الباطلة، وقد تقدّم ذلك (?).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ القربة متى حصلت، وقعت عن الفاعل، لا لغيره، ولهذا تعتبر أهليته، ونيته، لا نيّة الآمر، ولو انتقل فعله إلى الآمر لشرط فيه نيّة الآمر وأهليته، كما في الزَّكاة (?).