جاز في حجة الإسلام؛ لأجل الضّرورة، وتعذر أداء الفرض، وهذا غير موجود في حج التطوع، فلا تجوز الاستنابة فيه (?).
مناقشة الاستدلال: يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:
أن النصوص، وإن دلت على جواز النيابة في الفرض للضرورة، إِلَّا أنّها لم تمنع النيابة في التطوع، ثمّ إنَّ فرض الحجِّ لازم لكل مكلف قادر مستطيع بنفسه، بخلاف التطوع، فإنّه لا يلزمه؛ فيجوز أن يفعله بنفسه، أو بغيره.
ثانيًا: أدلة القول الأوّل: استدل من قال بالجواز بما يأتي:
الدّليل الأوّل: قالوا: يجوز للقادر أن يستنيب في حج التطوع؛ لأنّه حجة لا تلزمه بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها كالعضوب (?).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ كلّ عبادة جازت النيابة في فرضها، جازت النيابة في نفلها، كالصدقة. وعليه، فإذا جازت النيابة في فرض الحجِّ جازت النيابة في نفله (?).
الدّليل الثّالث: قالوا: إنَّ الاستنابة في حج التطوع هي عبارة عن إنفاق المال في طريق الحجِّ، ولو فعله الإنسان بنفسه كان طاعة عظيمة، فكذلك إذا صرفه إلى غيره ليفعله عنه يكون جائزًا، وأمّا كونه صحيحًا فلا يمنعه ذلك عن أداء التطوع بهذا الطريق، وإن كلان يمنعه من أداء الفرض؛ لأنّ الأمر في التطوع موسع عليه، فإنّه يجوز في التطوع ما لا يجوز في الفرض، كما في الصّلاة، فجوز في تطوعها أن يصلّي قاعدًا مع القدرة على القيام، فكذلك هنا في حجة الإسلام (?).
الترجيح: الراجح من القولاين هو القول الأوّل؛ لقوة ما عللوا به، ولأن ما علل به أصحاب القول الثّاني أمكن مناقشته.