لا يتأدى بالمال، وإنّما يتأدى بمباشرة النائب بالحج عنه (?).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ المعضوب، ومن في حكمه يصدق عليه أنّه مستطيع، فيجب عليه الحجِّ؛ وذلك لأنّ الاستطاعة كما تكون بالنفس، تكون ببذل المال، وطاعة الرجال، ولهذا يقال لمن لا يحسن البناء: إنك مستطيع بناء دارك إذا كان معه ما يفي ببنائها (?).
الدّليل الثّالث: القياس على الميِّت: فكما أنّه تجوز النيابة عن الميِّت فكذلك العاجز ببدنه عجزًا دائمًا يحامع أن كلًا منهما قد أيس من الحجِّ بنفسه (?).
من خلال ما سبق من أدلة، وما دار حولها من مناقشات، وما أجيب به عنها يظهر- والله أعلم- رجحان القول الأوّل القاضي بوجوب النيابة في الحجِّ على العاجز عجزًا دائمًا، كالمعضوب ومن حكمه، إذا كان واجدًا للمال، ولمن ينوب عنه؛ وذلك لوجوب الحجِّ عليه. وإذا كان الحجِّ واجبًا عليه فإنّه يجب عليه في هذه الحالة أن يستنيب من يمَضي عنه الحجِّ الواجب عليه.
ويعود سبب ترجيح هذا القول إلى ما يأتي:
أوَّلًا: قوة أدلة أصحاب هذا القول، حيث جاءت أدلتهم ظاهرة في الوجوب من حيث الدلالة، وأمّا من حيث الثبوت فإن لهم أدلة من القرآن، وأدلة من السُّنَّة معظمها في البخاريّ ومسلم، أو في أحدهحا، وما كان منها خارجًا عن الصحيحين فهو صحيح، لا شك في صحته.
ثانيًا: أن ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى من أدلة أمكن مناقشتها بما يضعف من دلالتها.