وقد وردت أحاديث كثيرة في معنى الأحاديث السابقة، وفيما ذكرته غنية.
أورد المانعون بعض المناقشات على الأحاديث السابقة، منها:
أوَّلًا: أن النيابة في الأحاديث السابقة إنّما وقعت على سبيل التبرع، وليس فيها تصريح بالوجوب (?).
قال القرطبي: "حديث الخثعمية ليس مقصوده الإيجاب، وإنّما مقصوده الحث على بر الوالدين، والنظر في مصالحهما دنيا ودينًا، وحبب المنفعة إليهما جبلة وشرعًا ... ". ثمّ ذكر حديث تشبيه الحجِّ بالدين، ثمّ قال: " ... ففي هذا ما يدلُّ على أنّه من باب التطوعات، وإيصال البرّ، والخيرات للأموات .... " (?).
ويجاب عن ذلك بما يلي:
1 - لا نسلم لكم أن هذه النصوص لا تصريح فيها بالإيجاب، أو أنّه ليس المقصود منها الإيجاب، بل قد جاء الإيجاب فيها بالفاظ صريحة نحو قوله - صلّى الله عليه وسلم -: (فحجي عنه)، وقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "حج عن أبيك، واعتمر" (?).
2 - سلمنا أنّها لا تفيد الوجوب، وأنّها من باب التبرعات والبر، وعليه فإنها في هذه الحالة تفيد جواز النيابة، وأنتم لا تقولون به. ومن ثمّ تكونون قد نقضتم مذهبكم المانع من النيابة مطلقًا (?).
ثانيًا: قالوا: إنَّ ما رخص فيه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - للخثعمية إنّما هو خاص بها، كما اختص سالم مولى أبي حذيفة بجواز الرضاعة بعد الحولين، أي: الرضاعة في الكبر