دَارًا، أَوْ رَقِيقًا لَهُ ثَلَّثَهُمْ، فَيَقْتَسِمُونَ، فَيُنْفِذُ لِلْمُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَهُمْ، وَيُعْطِي الْوَرَثَةَ ثُلُثَيْهِمْ، فَلَمَّا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ مَا لَهُ وَلِغَيْرِهِ جَمِيعًا أَعْتَقْنَا مَالَهُ فِي بَعْضِهِمْ، وَلَمْ نُعْتِقْ مَالَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ قَوْلُكَ فِي حَدِيثٍ نُثْبِتُهُ نَحْنُ وَأَنْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا وَعِنْدَكَ، غَيْرُ وَاسِعٍ تَرْكُهُ؛ لِفَرْضِ اللَّهِ عَلَيْنَا قَبُولَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا أَثْبَتْنَا عَنْهُ شَيْئًا فَالْفَرْضُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ، كَمَا عَدَلْنَا وَعَدَلْتَ، فَقُلْنَا: فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا كَانَتْ فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، أَوْ مَيِّتًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَكَمَا قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ فِي جَمِيعِ الْجِنَايَاتِ: مَا جَنَى رَجُلٌ فَفِي مَالِهِ، إِلَّا الْخَطَأَ فِي بَنِي آدَمَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَمَا قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الدِّيَاتِ وَغَيْرِهَا بِالْأَمْرِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الِاتِّبَاعُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ قَوْلُكَ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقَالَ: فَأُكَلِّمُكَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ، قُلْتُ: أَوَلِلْكَلَامِ فِيهِ مَوْضِعٌ؟ قَالَ: إِنَّكَ خَلَطْتَ فِيهِ بَيْنَ حُكْمِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، قُلْتُ: مَا فَعَلْنَا، لَقَدْ تَرَكْنَاهُ لِنَفْسِهِ وَكَسْبِهِ كَمَا تَرَكْنَاهُ لِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ مَا قَدَرْنَا فِيهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا، كَمَا نَفْعَلُ لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، قَالَ: أَفَتَجْعَلُونَ مَا اكْتَسَبَ فِي يَوْمِهِ لَهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَتُوَرِّثُونَهُمْ مِنْهُ وَلَا تُوَرِّثُونَهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لَمْ يُخَالِفْنَا مُسْلِمٌ عَلِمْنَاهُ فِي أَنَّهُ إِذَا بَقِيَ فِي الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنَ الرِّقِّ فَلَا يَرِثُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، فَقُلْنَا: لَا يَرِثُ بِحَالٍ بِإِجْمَاعٍ، وَبِأَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ، قَالَ: أَفَتَجِدُ غَيْرَهُ يُوَرَّثُ وَلَا يَرِثُ، وَيُحَكَمُ لَهُ بِبَعْضِ حُكْمِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُحْكَمُ بِبَعْضٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، الْجَنِينُ يَسْقُطُ مَيِّتًا يُوَرَّثُ وَلَا يَرِثُ، وَالْمُكَاتَبُ نَحْكُمُ لَهُ فِي مَنْعِ سَيِّدِهِ بَيْعِهِ وَمَالِهِ بِغَيْرِ حُكْمِ الْعَبْدِ، وَنَحْكُمُ لَهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهُ بِحُكْمِ الْعَبْدِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَنْ يُعْطِيَ شَرِيكَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ وَيَكُونَ حُرًّا، أَتَجِدُهُ أَعْتَقَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا بِأَنْ أَعْطَى شَرِيكَهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ إِذَا خَرَجَ نَصِيبُهُ مِنْ يَدَيْهِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَهُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَاسْتَسْعَاهُ، أَمَا خَالَفْتَ رَسُولَ اللَّهِ وَالْقِيَاسَ عَلَى قَوْلِهِ: إِذَا أَعْتَقَهُ فَأَخْرَجْتَهُ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ بِغَيْرِ قِيمَةٍ دَفَعَهَا إِلَيْهِ؟ قَالَ: أَجَعَلَ الْعَبْدَ يَسْعَى فِيهَا؟ قُلْتُ: فَقَالَ لَكَ الْعَبْدُ: لَا أَسْعَى فِيهَا، إِنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَنِي يُعْتِقُنِي، وَإِلَّا لَا حَاجَةَ لِي فِي السِّعَايَةِ، أَمَا ظَلَمْتَ السَّيِّدَ وَخَالَفْتَ السُّنَّةَ وَظَلَمْتَ الْعَبْدَ إِذْ جَعَلْتَ عَلَيْهِ قِيمَةً لَمْ يَجْنِ فِيهَا جِنَايَةً، وَلَمْ يَرْضَ بِالْقِيمَةِ مِنْهُ، فَدَخَلَ عَلَيْكَ مَا تَسْمَعُ مِنْ خِلَافِكَ فِيهِ السُّنَّةَ.