قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ: يَسْعَى. وَرُوِيَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قِيلَ لَهُ: أَوَثَابِتٌ حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ لَوْ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ خَالِدٍ؟ فَقَالَ مَنْ حَضَرَ: هُوَ مُرْسَلٌ، وَلَوْ كَانَ مَوْصُولًا كَانَ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ، وَلَمْ يُعْرَفْ، وَلَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُهُ، فَقُلْتُ: أَثَابِتٌ حَدِيثُكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِيهِ الِاسْتِسْعَاءُ، وَقَدْ خَالَفَهُ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ؟ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: حَدَّثَنِيهِ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ هَكَذَا، لَيْسَ فِيهِ اسْتِسْعَاءٌ، وَهُمَا أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَانَ فِي هَذَا مَا شَكَّكَ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِسْعَاءِ بِالْحَدِيثِ، وَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَوِ اخْتَلَفَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ، أَيُّهُمَا كَانَ أَثْبَتَ؟ قَالَ: نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: وَعَلَيْنَا أَنْ نَصِيرَ إِلَى الْأَثْبَتِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَعَ نَافِعٍ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِإِبْطَالِ الِاسْتِسْعَاءِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ النَّظَرِ وَالدِّينِ مِنْهُمْ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، يَقُولُ: لَوْ كَانَ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ مُنْفَرِدًا لَا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ، مَا كَانَ ثَابِتًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَعَارَضَنَا مِنْهُمْ مُعَارِضٌ آخَرُ بِحَدِيثٍ آخَرَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ، فَقَطَعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَقَالَ: لَا يَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ لِضَعْفِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: نُنَاظِرُكَ فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِكَ، فَقُلْتُ: أَوَلِلْمُنَاظَرَةِ مَوْضِعٌ مَعَ ثُبُوتِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرْحِ الِاسْتِسْعَاءِ فِي حَدِيثَيْ نَافِعٍ وَعِمْرَانَ، قَالَ: إِنَّا نَقُولُ: إِنَّ أَيُّوبَ رُبَّمَا قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ، وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ نَافِعٌ بِرَأْيِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَرِوَايَتِهِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْ أَيُّوبَ، وَلِمَالِكٍ فَضْلُ حِفْظٍ لِحَدِيثِ أَصْحَابِهِ خَاصَّةً، وَلَوِ اسْتَوَيَا فِي الْحِفْظِ فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ، لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مَوْضِعٌ لِأَنْ يُغَلَّطَ بِهِ الَّذِي لَمْ يَشُكَّ، إِنَّمَا يُغَلَّطُ الرَّجُلُ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ، أَوْ يَأْتِي بِشَيْءٍ فِي الْحَدِيثِ يُشْرِكُهُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْهُ مَا حَفِظَ، وَهُمْ عَدَدٌ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ، وَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا فِي زِيَادَتِهِ: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ غَيْرُهُ، وَزَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ: وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ عَلِمْتَ خَلْقًا يُخَالِفُ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي حَدِيثِ الْقُرْعَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ خِلَافُكَ لَهُ، وَهُوَ كَمَا وَصَفْتَ، وَهُوَ مِمَّا نُثْبِتُ نَحْنُ وَأَنْتَ، أَكْثَرَ مِنْ خِلَافِكَ حَدِيثَ نَافِعٍ، وَمِنْ أَيْنَ اسْتَجَزْتَ أَنْ تُخَالِفَهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مُعَارِضًا لَوْ عَارَضَكَ فَقَالَ: عَطِيَّةُ الْمَرِيضِ كَعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ، فَلَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ فِي عِتْقِ الْمَرِيضِ عِتْقَ بَتَاتٍ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَعَلِمْتَ أَنَّ طَاوُسًا قَالَ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إِلَّا لِقَرَابَةٍ، وَتَأَوَّلَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَقَالَ: نُسِخَ الْوَالِدَانِ بِالْفَرَائِضِ، وَلَمْ يُنْسَخِ الْأَقْرَبُونَ، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا عَلَيْهِ حُجَّةٌ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ عِتْقَ الْمَمَالِيكِ وَصِيَّةً، وَأَجَازَهَا وَهُمْ غَيْرُ قَرَابَةٍ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَرَبِيًّا، وَالرَّقِيقُ عَجَمٌ، وَعَلِمْتَ أَنَّ حُجَّتَنَا وَحُجَّتَكَ فِي الِاقْتِصَارِ بِالْوَصَايَا عَلَى الثُّلُثِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ دُونَ حَدِيثِ سَعْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيِّنٍ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَكَيْفَ ثَبَتْنَاهُ حَتَّى أَصَّلْنَا مِنْهُ هَذِهِ الْأُصُولَ وَغَيْرَهَا، وَاحْتَجَجْنَا بِهِ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا، ثُمَّ صِرْتَ إِلَى خِلَافِ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا خَبَرٍ مُخَالِفٍ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي احْتَجَّ عَلَيْهِ بَعْضُكُمْ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَطِيَّةَ الْمَرِيضِ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عِمْرَانَ ثَابِتًا فَقَدْ خَالَفْتَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فَلَا حُجَّةَ لَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّكَ وَإِيَّاهُ مَحْجُوجَانِ بِهِ؟ قَالَ: فَكَيْفَ يُعْتَقُ سِتَّةٌ، يُعْتَقُ اثْنَانِ، وَيُرَقُّ أَرْبَعَةٌ؟ قُلْتُ: كَمَا يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ