حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: «إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصُومَ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ» . وَرُوِيَ «إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ لِتَشْهَدَ الْعِشَاءَ فَلَا يَمْنَعْهَا» . فَاحْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى اسْتِحْبَابٍ، فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْتُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعَامَّةُ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةَ شُهُودُ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ كَمَا هِيَ عَلَى الرَّجُلِ، وَإِنْ وَلِيُّهَا حَبَسَهَا، كَانَ هَذَا اخْتِيَارًا لَا فَرْضًا عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمَرْأَةِ لِلْعِشَاءِ، فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُفْتِينَ يُخَالِفُ فِي أَنْ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ الْإِذْنُ لِامْرَأَتِهِ إِلَى جُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ، وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا إِلَى حَجٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهَا فِي عُمُرِهَا، فَقُلْتُ: فَفِي أَنْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمُفْتُونَ إِنْ كَانَ كَمَا قُلْتَ دَلِيلٌ عَلَى أنْ لَا يَجْهَلُوا مَعْنَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ، إِذَا كَانَ مَعْنَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مُحْتَمِلًا مَا قَالُوا. قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنَ الْحَجِّ، قُلْتُ: أَمَّا هَذَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا الْفَرِيضَةَ فَقَدْ مَنَعَهَا مَسَاجِدَ اللَّهِ كُلَّهَا، فَأَبَاحَ لَهُ خِلَافَ الْحَدِيثِ، فَإِذَا قُلْتُ: لَا يَمْنَعُهَا الْفَرِيضَةَ مِنَ الْحَجِّ أُخَالِفُ الْحَدِيثَ؟ بَلْ هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ كُلَّهَا» ، وَفِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَنْعَهُنَّ بَعْضَهَا، قَالَ: وَأُجْبِرُ زَوْجَ امْرَأَةٍ وَوَلِيَّهَا مَنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَدَعَهَا وَالْفَرِيضَةَ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةَ فِي سَفَرٍ، وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَى مَا تَطَوَّعَتْ بِهِ مِنْهُمَا، فَإِذَا أَذِنَ لَهَا إِلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَمْنَعْهَا مَسَاجِدَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهَا فِي الْفَرْضِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ أَنْ يُتْرَكَ النِّسَاءُ إِلَى الْعِيدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا قُلْنَا بِهِ