من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين بالألف واللام ثم أنه صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى والنور ومن ذلك ما شرع الله على لسانه من التحليل والتحريم والوصايا والأدب وسير الأولين والأخرين وما قص من أحسن القصص فأين كان

مبدلة من الْهمزَة، وَمعنى فقه الرجل: غاص على اسْتِخْرَاج معنى القَوْل من قَوْلهم: فقأت عينه إِذا نخستها فَجعلت بَاطِنهَا ظَاهرهَا، فَمَعْنَى الْفِقْه على هَذَا التَّأْوِيل هُوَ اسْتِخْرَاج الغوامض والإطلاع على أسرار الْكَلَام، وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَن اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {إِن الدّين عِنْد اللَّهِ الْإِسْلَام} ، وَيكون المُرَاد بِالدّينِ هَا هُنَا الْإِسْلَام بِدَلِيل قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يرد اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين "، بِالْألف وَاللَّام.

ثمَّ أَنه صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ بِالْهدى والنور، وَمن ذَلِك مَا شرع اللَّهِ على لِسَانه من التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم والوصايا وَالْأَدب وسير الْأَوَّلين والأخرين، وَمَا قصّ من أحسن الْقَصَص، فَأَيْنَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْجَانِب الغربي إِذا قضى اللَّهِ إِلَى مُوسَى الْأَمر، قَالَ اللَّهِ عز وَجل: {وَمَا كنت بِجَانِب الغربي إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر} وَلما انقلبت العصى حَيَّة وَولى مُوسَى هَارِبا، وَقَوله: {وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} ، وَكَانَت الْأَخْبَار الْمَاضِيَة غيب لَا يعلمهَا إِلَّا اللَّهِ عز وَجل ثمَّ من كَانَ فِيهَا فَأخْبر هُوَ عَلَيْهِ السَّلَام بهَا، وَشهِدت الْعلمَاء مِنْهُم بذلك كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} .

عن خبر التوراة والإنجيل فكان هذا أمرا واضحا جليا من إعلام الله له بما كان من ذلك الغيب وكذلك ما كان غيبا من أهل وقته مما علم به كقوله عز وجل وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض

أَي أَنه لم يخْتَلف خَبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن خبر التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، فَكَانَ هَذَا أمرا وَاضحا جليا من إِعْلَام اللَّهِ لَهُ بِمَا كَانَ من ذَلِك الْغَيْب، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ غيبا من أهل وقته مِمَّا علم بِهِ كَقَوْلِه عز وَجل: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ وأظهره اللَّهِ عَلَيْهِ عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض فَلَمَّا نبأها بِهِ قَالَت من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} ، فأحاط بِالْغَيْبِ من الْوُجُوه الثَّلَاثَة، الْمَاضِي كَقَوْلِه: {إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر} وَغَيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015