لسيدهم مُسِنَّة إِلَيْهِ فَلَا يَخْشونَ لَدَيْهِ هما.
أَحْمَده حمدا لأنال بِهِ من الْإِخْلَاص حظا وقسما، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، شَهَادَة أمحو بهَا ذَنبا وإثما، وَأشْهد أَن سيدنَا وَنَبِينَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أذهب بِشَرِيعَتِهِ عَن الْقُلُوب هما، ومنحهم بهَا نعما جما. وَبعد.
فَإِن علم الْفِقْه هُوَ أفضل عُلُوم الدّين، وَأَعْلَى منزلَة أهل الْمعرفَة وَالْيَقِين لما جَاءَ فِيهِ عَن سيد الْمُرْسلين: " من يرد اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين ".
أما قَوْله: " من يرد بِهِ خيرا " فَإِن هَذَا شَرط وَجَوَابه يفقهه، وهما مجزومان، وَقد أنجزم الفعلان بذلك وَكَانَ الأَصْل من يرد، وَكَذَلِكَ كَانَ يفقهه مَرْفُوعا، فانجزما بِجَوَاب الشَّرْط، فَحصل بذلك أَن الْمَعْنى: " من يرد اللَّهِ بِهِ خيرا يفقهه "، وَاقْتضى هَذَا أَن من لم يفقهه فِي الدّين لم يكن مِمَّن يرد اللَّهِ بِهِ خيرا، وَلم يقل: من يرد اللَّهِ بِهِ الْخَيْر، بِالْألف وَاللَّام، فَكَانَ يكون الْخَيْر الْمَعْهُود الْمُعَرّف بِالْألف وَاللَّام، فَدلَّ على أَن هَذَا التنكير للخير هَاهُنَا أوقع لِأَن من لم يفقهه فِي الدّين فَإِنَّهُ لَا يرد بِهِ خيرا، فَأَما يفقهه فَهَذِهِ الْهَاء مبدلة من الْهمزَة لِأَن أصل فقه الرجل: فقئ فالهاء