والحافظ ابن عبد البر مسبوق بالتأليف في هذا النوع من الفن؛ فقد ألف أبو عبيد الجبيري (ت 378 هـ) كتابا سماه: التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة (?). كما ألف يحيى بن إسحاق بن يحيى الليثي الأندلسي (ت 303 هـ) الكتب المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله (?)؛ وهذا الأخير يعتبر من الأصول العلمية المفقودة المعتمدة عند ابن عبد البر في مؤلفه هذا (?). وألف يحيى بن عمر الكناني، وهو من كبار علماء القيروان في القرن الثالث الهجرى، كتابا في اختلاف ابن القاسم وأشهب (?). بل، امتد هذا الاتجاه فى التأليف إلى أول عهد المتأخرين، فألف الخشني كتاب: الإتفاق والاختلاف في مذهب مالك، وكتاب: رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه (?).
وإذا كان ابن عبد البر قد فاته شرف السبق قي التأليف في هذا الباب، فإنه حاز شرف المشاركة والاستفادة والانتقاء من السابقين، مع حصره لدائرة الاختلاف الفقهي بين إمام المذهب وتلامذته. ولهذه الأسباب جميعا، وإنقاذا لما تبقى من هذا الكتاب التراثي الأندلسى النفيس، قررنا تحقيق الكتاب وإخراجه إلى النور ليسلك طريقه إلى الباحثين في مجال الخلاف الفقهي - النازل