لم يصلنا من المعاجم الثلاثة التي ألفها السلفي إلا هذا المعجم الذي خصصه لمن لقيهم من الناس ما عدا علماء أصبهان وبغداد. وهذا كتاب بالغ القيمة يدل على دقة الملاحظة عند مؤلفه وشغفه بالتقييد ويقدم لنا صورة دقيقة، في جوانب كثيرة، عن حياة القرن السادس في النواحي العلمية والاجتماعية. وهو يتميز بضبط رجل متمرس بالحديث وعلم الرجال، ولذلك كان مصدراً هاماً للذين كتبوا في البلدان والتراجم، فاعتمده ياقوت اعتماداً كبيراً في معجم البلدان، كما كان منبعاً يستقي منه القفطي في أنباه الرواة. وقد رتبه مؤلفه على حسب حروف المعجم معتمداً الاسم الأول في السند. إلا أن السلفي لم يقم؟ في ما يبدو؟ بوضعه في صورة نهائية، وإنما كان ما تبقى منه على شكل جذاذات جمعت ورتبت من بعده، فجاء الكتاب ناقصاً في عدة مواضع، ومن دقق في ترتيبه على حسب الحروف وجد فيه تقديماً وتأخيراً، كما سقط من أوله جميع الأسماء التي تقع قبل " أحمد ". ويشهد معجم البلدان أن مؤلفه اطلع على نسخة أتم من الكتاب ونقل منها مواد لم تصلنا في أصولها.
ولدينا من الكتاب؟ حسب ما أعلم؟ نسختان إحداهما مصورة بدار الكتب المصرية وهي ذات أوراق مضطربة تنتظر ترتيباً جديداً، والثانية نسخة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة (رقم المخطوط فيها 176 حديث) وهي حديثة النسخ حسنة الترتيب كتبها عبد الحفيظ بن محمد صالح حمادة سنة 1239، وأصلها منقول عن جذاذات بخط المؤلف وتقع في 239 ورقة، وهي مكتوبة بخط واضح قليل الخطأ، وفي الصفحة الواحدة منها عشرون سطراً ويتراوح عدد كلمات السطر والواحد بين