حَائِطِ الْقُلَّيْسِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ لَا يَحْفَظُونَ ذَرْعَ طُولِ الْقُلَّيْسِ وَلَا عَرْضِهِ، وَكَانَ لَهُ بَابٌ مِنْ نُحَاسٍ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ طُولًا، فِي أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا، وَكَانَ الْمَدْخَلُ مِنْهُ إِلَى بَيْتٍ فِي جَوْفِهِ طُولُهُ ثَمَانُونَ ذِرَاعًا فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، مُعَلَّقِ الْعَمَلِ بِالسَّاجِ الْمَنْقُوشِ، وَمَسَامِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، ثُمَّ يُدْخَلُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى إِيوَانٍ طُولُهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَعُقُودُهُ مَضْرُوبَةٌ بِالْفُسَيْفِسَاءِ، مُشَجَّرَةٌ بَيْنَ أَضْعَافِهَا كَوَاكِبُ الذَّهَبِ ظَاهِرَةٌ، ثُمَّ يُدْخَلُ مِنَ الْإِيوَانِ إِلَى قُبَّةٍ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا، جَدْرُهَا بِالْفُسَيْفِسَاءِ، وَفِيهَا صُلُبٌ مَنْقُوشَةٌ بِالْفُسَيْفِسَاءِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَفِيهَا رُخَامَةٌ مِمَّا يَلِي مَطْلِعَ الشَّمْسِ مِنَ الْبَلَقِ مُرَبَّعَةٌ، عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فِي عَشْرَةِ أَذْرُعٍ، تَغْشَى عَيْنَ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا مِنْ بَطْنِ الْقُبَّةِ، تُؤَدِّي ضَوْءَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِلَى دَاخِلِ الْقُبَّةِ، وَكَانَ تَحْتَ الرُّخَامَةِ مِنْبَرٌ مِنْ خَشَبِ اللَّبَخِ، وَهُوَ عِنْدَهُمُ الْآبُنُوسُ، مُفَصَّلٌ بِالْعَاجِ الْأَبْيَضِ، وَدَرَجُ الْمِنْبَرِ مِنْ خَشَبِ السَّاجِ، مُلْبَسَةٌ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَكَانَ فِي الْقُبَّةِ سَلَاسِلُ فِضَّةٍ، وَكَانَ فِي الْقُبَّةِ أَوْ فِي الْبَيْتِ خَشَبَةُ سَاجٍ مَنْقُوشَةٌ، طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا، يُقَالُ لَهَا كُعَيْبٌ، وَخَشَبَةٌ مِنْ سَاجٍ نَحْوُهَا فِي الطُّوَلِ، يُقَالُ لَهَا امْرَأَةُ كُعَيْبٍ، كَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يُقَالُ لِكُعَيْبٍ الْأَحْوَزِيُّ، وَالْأَحْوَزِيُّ بِلِسَانِهِمُ الْحُرُّ، وَكَانَ أَبْرَهَةُ عِنْدَ بِنَاءِ الْقُلَّيْسِ قَدْ أَخَذَ الْعُمَّالَ بِالْعَمَلِ أَخْذًا شَدِيدًا، وَكَانَ آلَى أَنْ لَا تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى عَامِلٍ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي عَمَلِهِ، فَيُؤْتَى بِهِ إِلَّا قَطَعَ يَدَهُ. قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَتْ لَهُ أُمٌّ عَجُوزٌ، فَذَهَبَ بِهَا مَعَهُ لِتَسْتَوْهِبَهُ مِنْ أَبْرَهَةَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ بَارِزٌ لِلنَّاسِ، فَذَكَرَتْ لَهُ عِلَّةَ ابْنِهَا، وَاسْتَوْهَبَتْهُ مِنْهُ، فَقَالَ: لَا أُكَذِّبُ نَفْسِي، وَلَا أُفْسِدُ عَلَى عُمَّالِي. فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: اضْرِبْ بِمِعْوَلِكَ سَاعِيَ بُهْرٍ، الْيَوْمُ لَكَ، وَغَدًا لِغَيْرِكَ، لَيْسَ كُلُّ الدَّهْرِ لَكَ. فَقَالَ: أَدْنُوهَا