فنشأ ابنه الحسين أحسن نشوء، له فضل في نفسه وصلاح وسخاء وشجاعة، فقدم على المهدي فرعى حرمته وحفظ قرابته، ووهب له عشرين (?) ألف دينار، ففرّقها ببغداد والكوفة على قرابته ومواليه ومحبّيه، فما (?) خرج من الكوفة إلاّ بقرض، وما كسوته إلاّ جبّة عليه وإزار كان لفراشه، ثم قدم المدينة.
وأقام بها حتى ولي موسى الهادي، فأقرّ على المدينة رجلا من أولاد (?) عمر بن الخطاب، فأساء إلى الطالبيين وسامهم خسفا، فاستأذنه فتى منهم في الخروج إلى موضع لبعض أمره، فأجله أجلا (?) وأخذ به كفالة الحسين بن علي، فلما مضى الأجل طالبه به، فسأله النطرة (?)، فأبى وغلّظ عليه وأمر بحبسه وأسمعه؛ فلما أمسى قال أؤجلك هذه الليلة وأخلّي سبيلك وآخذ عليك يمينا مؤكدة لتأتيني غدا، فحلف له على ذلك ليأتينّه حتى يلقاه، وأضمر الخروج، فلما أعتم خرج إلى البقيع، وجمع أهله وأعلمهم بما عزم عليه فبايعوه.
قال أبو الحسن المدائني:
كان مخرج الحسين بن علي صاحب فخ ليوم السبت لبضع عشرة ذي القعدة سنة تسع وستين ومائة. وكان رجلا سخيا متوسّعا، لا يكبر شيئا تسأله إيّاه، وكان يأتيه (?) ناس كثير، فكان يحمل على نفسه المؤن حتى أجحف ذلك به، فصار إلى أن باع مواريثه