قونية ونواحيها ثمرة واحدة من المزارع والبساتين طيلة ثلاث سنوات. وفي النهاية ندم (السلطان) على ما فعل، واسترضى أهل القاضي، وطلب منهم العفو والصفح.
كان السلطان يجلس ذات يوم على العرش كعادته المعهودة وينفذ أحكام العدل، فدخل جماعة من التجّار إلى المحكمة وقد مزّقت ثيابهم، وأهالوا التراب على رؤوسهم فقالوا: أيها الملك، يا من علا نجمك، نحن جماعة من التجار عرّضنا أنفسنا للخطر طلبا لعيش العيال من وجه حلال، وقد تحمّلنا مشاقّ الأسفار، وبسبب ذلك الكسب يظل أطفالنا أصابعهم على شفاههم، وآذانهم تسترق السمع إلى قرع الباب، وعيونهم معلّقة بالطريق فلعل أبا يرى وجه ابن له أو لعل رسالة تصل من أخ لأخيه. لقد انطلقنا من ديار مصر صوب الإسكندرية، وقدمنا من هناك بإحدى السفن إلى ثغر أنطالية. فأذاقنا حكام الفرنجة العذاب وأخذوا ما كان معنا من ناطق وصامت، ما قلّ منه أو كثر بالظلم والعدوان، وسخروا منّا فقالوا: ها هوذا السلطان العادل الغازي قد جلس في قونية وبسط بساط العدل فاحملوا إليه مظلمتكم لكي يحشد الجند، فيفعل ما يشفى صدروكم (?).
فأخذت السلطان رقّة لذلّتهم وافتقارهم وتأجّجت نار الحميّة فيه، فأقسم