سّلم مبعوثيه جائزة قدرها ألفي دينار وعشرة من الخيول وخمسة من البغال، وخمسة من الغلمان، وخمسا من الجوارى، وخمسين ثوبا من كل نوع.
ومن عدله البالغ، أنه كان له غلام يسمى إياز، محمود السيرة، وكانت رقعة خاطره بل كان جماع قلبه يميل إلى عشق ذلك القمري الوجه مانع الحبّ، غير أن الغلام كان عائدا ذات يوم من الصيد يحمل على يده صقرا، فالتقى بعجوز كانت تحمل بيدها إناء مملوءا باللبن الخثير، ولشدة تأثير حرارة الشمس واستيلاء العطش عليه وإعواز الماء اختطف الإناء وتناول ما فيه، فركضت العجوز على الأثر إلى المدينة، ووقفت على باب قصر السلطان، وجأرت بالنواح والشكوى صائحة: إن أحد الغلمان أخذ إناء اللبن الذى كنت قد وضعته لإعداد خبز لمن أعولهم من الأيتام، ولم يعطني ثمنا. فأمر السلطان بالتحّري عن أمر تلك/ المظلومة، وهنالك حضر الغلام فقالت العجوز: ها هو ذا الخصم، فأنكر الغلام خوفا من السلطان الذي قال: إن شققنا بطن الغلام ولم يكن قد تناول اللبن فلن يكون جزاؤك إلا القتل؛ فقبلت المرأة.
وفي الحال صدر الأمر إلى الجرّاح بأن يشق بطنه [قالت العجوز؛ لعلكم إن أحضرتم الجّراح فشق بطن الغلام وقلّب أمعاءه ووجدها مملوءة باللبن لزم قتل الغلام أولا وتواترت أحزان السلطان عليه بسبب ذلك، وصدق فيه المثل القائل:
نحن السبب فيما يجري لنا (?). فأمر السلطان بمعاقبة الغلام في الحال، وأنعم على العجوز بألف دينار] (?).