وفجأة اختفى من بين الجمع الملك «كيومرث» - الابن الأوسط للسلطان عزّ الدين- وعبر البحر، فلما تفقدوه أشير لهم بوجوده حوالي «قسطمونية».
ودفع نواب «قسطمونية» بالفرسان إلى كل ناحية حتى عثروا عليه بالقرب من «أماسية»، وكان قد سار متنكّرا يريد بلوغ «الأوج»، فردّوه، ثم حملوه إلى «قسطمونية»، وأبقوا عليه في القلعة، وكانوا يراعون معه شروط الخدمة اللائقة بأبناء الملوك (?).
وبعد مدّة من الزمن قال السلطان «غياث الدين» لأصحابه وأعوانه: لن تفكّ لنا عقدة في هذه الديار، ولقد جرى أسر أخي «كيومرث» هناك، ويحتمل أن يعامل معاملة سيئة عكس ما تستوجبه المروءة، ولا يفيد الخجل بعد فوات المهجة. والرّأي أن نجتاز البحر بموجب وصيّة السلطان السّابق، ونحظى بشرف المثول في خدمة «الإيلخان» - الذى بسط سلطانه على وجه الأرض- ونعدّ ملازمة العبوديّة له من الضرورات، حتى نرى ما سوف تقتضيه عنايته بنا.
فصوّبوا جميعا هذه الآراء، وأعدّوا لرحلة البحر عدّتها في الخفاء.
وذات يوم خرج راكبا- برسم التنّزه والتفرّج- إلى ساحل البحر حيث كانت إحدى السفن قد أعدّت، فقرأ بلا إبطاء قول الله- عزّ وجل-: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. (?)، وسلّم السفينة ليد القضاء والقدر، فاستوت على ساحل «سينوب». وعمتّ البهجة أهل تلك النّاحية وبدا عليهم السّرور بيمن قدومه، وتسابقوا لتقبيل اليد الشّريفة.