من قدر ومكانة، ورفعت من شأن الأراذل والأوغاد، وأوصلت كلّ وضيع من باعة الفقّاع واللاعبين على الحبال والحدّادين إلى مرتبة الإمارة وقيادة الجند، وجلست على بّوابة الهزل، صرت مستحّقا للذّلة والعزلة،
فالحذر الحذر، وعليك بالانزجار من هذا القول، وإن كانت تخامرك فكرة الملك، فأبعد عن نفسك السّفلة الذين لم يروا على مائدة آبائهم رغيفين من الخبز، ولا تختلط بجماعة اتّخذت من الهزل حرفة، وانطلق من هذه الدّيار بكل وسيلة ممكنة واعبر البحر متّجها إلى الممالك الموروثة، وتوجّه لخدمة بلاط ملجأ العالم، واطّلع على تلك الأعتاب كالصّباح عند الإشراق، وقف هناك كالشّمع طوال الليل، حتى إذا رأوا في طبعك آثار النّجابة (?) فربما جعلوا لك نصيبا من ملك الأجداد.
ووصيّتي الأخرى لك هي أنّ جسدي حين يخلو من الرّوح، فاحمل رفاتي إلى تلك الدّيار وادفنّي بجنب أبي وجدّي، إن تيسر لك العبور إلى الملك الموروث.
والله الله، لا تعرض عن هذه الوصايا، ولا تسلك في المخالفة طريق العقوق، والله وليّ عليك، وهو حسبي.
ثم إنه ودّع الحياة وأيام الرّغد، وولّى وجهه صوب دار الخلد.
وحين فرغ مماليك دولته من العزاء والبكاء وواجبات التحيّة، أجلسوا (?) السلطان «غياث الدين مسعود» على العرش مكان أبيه، على ساحل «سلخات»، وأقسموا على الولاء له، وجدّدوا الأيمان/ والعهد والقسم.