قال السلطان: عليك إذن بتجهيز عدة سلاح أختارها بنفسي، وحصان يليق بالفرسان ويناسب الميدان، ويدخل الفرنجي معي في مبارزة، فإن كانت الغلبة للفرنجي تخلّصت من محنة الغربة وعنائها، وإن كان الظّفر لي استراح فاسليوس من جرأة الفرنجي وإساءته.
قال فاسليوس: حاشاى أن أسمح بمثل هذا، فلو حلّ بالمليك- لا قدّر الله- مكروه في القتال بمصادمته للفرنجي فإنني سأوسم بالحماقة لأنني دفعت سلطانا لمقابلة واحد من آحاد الجند، ولن يكون بوسعي المقام هاهنا خوفا من انتقام إخوتك.
فأقسم السلطان بأغلظ الأيمان أنه لو حدث من فاسليوس توقف في هذه القضية فسوف يقتل نفسه دون إبطاء.
/ وحين بلغ إلحاح السلطان الغاية أتوا من دار السلاح بعدّة وجهاز ملكي، فاختار السلطان عدة منها. وأخبروا الفرنجي بأن الغد يوم النّزال، فظلّ الفرنجي يهيّىء عدة القتال طيلة الليل، ثم ربط نفسه بإحكام على السّرج فوق ظهر الحصان، ودخل ساحة الميدان متأهّبا للقتال، فانقسم أهل تلك الديار من الصّغار والكبار والقارئ والأمّي، والمسلم والذمّي قسمين: فمال بعضهم نحو السلطان، وانحاز جماعة إلى الفرنجي الذي أهمّه القتال.
كان الروح الأمين يسمع السلطان في كل لحظة قول الله عز وجل وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (?). وكان السلطان قد وقف في القلب مع فاسليوس