فوق العرش، وسكّن الفتنة. وأخرج الناس جميعا من القصر، واختلى بالسلطان فبدأ في تهدئته وأخذ يعمل على تسكين غضبه. كانت النار قد سرت في رأس السلطان من فرط الحميّة، فاغرورقت عيناه بالدموع، وما من نفس كان يتنفسه إلا وهو زفرة باردة تخرج من كبد مفعمة بالألم تهبّ على أطلال عمره.
/ قال لفاسليوس: إنك تعلم أنني ابن قلج ارسلان ومن صلب آلب ارسلان (?) وملكشاه (?)، كان أجدادي وأعمامي يجوبون العالم من مشرقه إلى مغربه فاتحين، وكان أجدادك يبعثون بالخراج والجزية إلى دور خزائنهم، وكنت أنت تسلك نفس الطريق معي، والآن إن كنت تجيز أن يستهزأ بي على هذا النحو لا لشىء إلا لأن القضاء السماوى قد ألقاني بأرضك، فإن إخواني- وكل منهم يمتلك بلدا- إن سمعوا بهذا صاحوا بالقول المأثور: آكل لحم أخي ولا أدعه لغيري، وجيّشوا الجيوش لهذا السبب، وجعلوا من ديارك مرابض للسباع والضباع.
فلم يعجل فاسليوس في الجواب حتى هدأت سورة غضب السلطان، ومن ثم دخل من باب الاعتذار والاستغفار، وقال: كل حكم يأمر به السلطان، جار على جيشي وبلادي. قال السلطان: أيكون مصداق هذا التصوّر ألا تعدل عن كل ما أقول. فأقسم فاسليوس مجدّدا بأنه لن يحيد عن أحكام السلطان.